الأزهر يستنفر أجهزته لمواجهة حملات تشييع المصريين

الأزهر يستنفر أجهزته لمواجهة حملات تشييع المصريين

_56026_azh3

ظاهرة التشيع، التي لاحت معالمها في الشرق الأوسط وكانت نتيجة لمخططات الولي الفقيه الإيراني في تصدير ثورته للتدخل في شؤون الدول التي يشهد نسيجها الاجتماعي تعددية إثنية وعرقية ومذهبية، دقت نواقيس الخطر في مصر -وقبلها دول الخليج- ما جعل مؤسسة الأزهر تشن حملة على هذه الظاهرة لمنعها والتي جعلت من بسطاء مصر وفقرائها مسرحا لحملاتها التبشيرية بالمذهب الإثني عشري.

كشفت مصادر أزهرية عن حملة يجري الإعداد لها حاليا للتحذير من المد الشيعي بالبلاد وخطورة التحول المذهبي، لافتة إلى أن الحلقات التليفزيونية التي يقدمها شيخ الأزهر خلال رمضان الحالي والتي تركز على إبراز الفوارق الجوهرية بين منهج أهل السنة والشيعة، هي نبراس الحملة التي سيتم فيها توجيه الدعاة والأئمة الأزهريين لمواجهة تزايد محاولات التشيع التي تحاول التغلغل في مصر، تحت عباءة دينية، وإن كان الغرض الحقيقي منها سياسيا بحتا.

كان شيخ الأزهر أحمد الطيب قد تطرق في بعض حلقات برنامجه الرمضاني اليومي على شاشة الفضائية المصرية إلى توضيح الفروق المهمة بين منهجي أهل السنة والشيعة، وحذر من الإساءة لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بموجب النصوص التي تلزم المسلمين جميعًا أن يضعوا خطوطا حمراء عند الحديث عن الصحابة الكرام، مؤكدا أنه لا يصح لأيّ منتسب لأهل السنة والجماعة أن يعتقد بسقوط عدالة الصحابة، كما هو الحال عند الشيعة، لوجود آيات صريحة في القرآن الكريم وأحاديث نبوية صحيحة تثبت عدالتهم، محذرا من أن اعتقاد الشيعة بعصمة الأئمة من شأنه هدم النبوة.

تعرض شيخ الأزهر لهجوم عنيف من وكالة أنباء فارس الرسمية الإيرانية بسبب ما قالت إنه “تجييش الإمام الأكبر للأزهر لمجابهة فكر أهل البيت والتشيع لهم في مصر”، موضحة أنه دعا رجال الدين والشيوخ في مصر إلى التصدي لتوجهات المصريين وميولهم صوب التشيع (بحسب ما زعمت الوكالة)، كما دعا علماء الدين لأن يمتنعوا عن زيارة إيران.

مصطفى زهران الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والصوفية اعتبر انتفاضة شيخ الأزهر محاولة لإنقاذ المنبر الإسلامي العريق من التشيع، مشيرا إلى أنه لأول مرة بدأ بعض أساتذة الأزهر يوجهون انتقادات للصحابي معاوية بن أبي سفيان وغيره من رموز الصحابة، بعد عصور من الاحترام كست تعامل الأزهريين مع مختلف الصحابة.

وأرجع زهران هذا التحول في فكر بعض أساتذة الأزهر إلى الزيارات المتكررة لبعضهم إلى إيران، لافتا إلى أن طهران تريد اختطاف الأزهر ليعود شيعيا، كما بدأ في عهد الفاطميين، ومن أجل تحقيق هدفها استضافت خلال الفترة الماضية العديد من القراء والمشايخ وأغدقت عليهم بالأموال في محاولة لاجتذابهم.

وحذر زهران من أن بعض أساتذة الأزهر أصبحت لديهم ميول شيعية، سواء سياسية أو عقائدية، وأن شيخ الأزهر لمس ذلك بنفسه عقب الحملة التي تعرض لها بعد انتقاده الممارسات الشيعية بالعراق وانتهاكات قوات الحشد الشعبي.

كما أكد زهران أن دعوات إصلاح الأزهر التي انطلقت مؤخرا حق يراد به باطل، وأن علماء الأزهر أصحاب الميول الإيرانية يشنون حملة ضد الشيخ أحمد الطيب بعد مواقفه الأخيرة المناهضة للمد الشيعي والنفوذ الإيراني.

كان الشيخ محمود عبدالخالق الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، قد كشف في وقت سابق عن أن إيران تعمل على استقطاب الأزهريين، خصوصا ممن أحيلوا إلى المعاش.

وأشار عبدالخالق في تصريحات صحفية إلى أن طهران تسعى للظهور أمام العالم باعتبارها راغبة في التقارب الديني بين المذاهب، لكن هدفها الحقيقي -بحسب رأيه- استقطاب مشايخ يرتدون العمائم الأزهرية ليظهروا في قنواتها وفي وكالات الأنباء الدولية لإرسال رسالة إلى العالم بأن المنتسبين لأكبر منبر سني في العالم يتوافقون مع الشيعة الإيرانيين.

وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة ذكر في مقال له نشر خلال الأيام الماضية على موقع الوزارة أن هناك محاولات لاختطاف دور الأزهر في الداخل والخارج، وأن المد الشيعي والدول التي تقف وراءه تنفق ببذخ شديد لبناء أمجاد سياسية على حساب الدور التاريخي للأزهر الشريف، من خلال إنفاق مالي باهظ على بناء المساجد والمراكز والمجمعات الإسلامية المذهبية أو السياسية وتمويلها بهدف استخدامها فكريًا وثقافيًا لخدمة أهدافها وأغراضها السياسية.

في الوقت نفسه بادرت وزارة الأوقاف بالتنبيه على أئمة المساجد رسميا بمنع أيّ طقوس شيعية داخلها مع عقد ندوات تثقيفية للشباب لتصحيح المغالطات وإيضاح الأهداف السياسية التي تقف خلف محاولات نشر المذهب الشيعي في مصر.

المحاولات الإيرانية لنشر التشيع في مصر بدأت تظهر بوضوح عقب الثورة الإسلامية في طهران عام 1979، حيث ترى السلطات التابعة لحكم المرشد الأعلى في نشر المذهب الشيعي وسيلة لتوسيع نفوذها السياسي في المنطقة.

لكن أخطر مقاربة إيرانية للتغلغل داخل الأزهر حدثت في عهد الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، عندما زار أحمدي نجاد القاهرة في فبراير 2013، كأول رئيس إيراني يذهب إلى القاهرة منذ قيام الثورة الإسلامية، بدعوة من الرئيس المعزول لحضور مؤتمر القمة الإسلامية.

وعرّج نجاد خلال زيارته على الأزهر وصلى في مسجد الإمام الحسين، لكن لقاءه مع أحمد الطيب شهد الكثير من التوتر بعد أن دعاه شيخ الأزهر لتجريم الإساءة للصحابة، وحماية حقوق سنة الأهواز الإيرانيين، واحترام سيادة الدول المجاورة على خلفية دور طهران في الأزمة السياسية في مملكة البحرين وقتها.

ناصر رضوان مؤسس ما يسمى بـ”ائتلاف أحفاد الصحابة وآل البيت” طالب الدكتور أحمد الطيب بتطهير الأزهر من أساتذة الجامعة المتشيعين والتصدي للإعلاميين أبواق طهران في مصر، والمروجين للمذهب الشيعي وألا يستجيب للإرهاب الفكري الذي يقومون به.

وأشار رضوان إلى أن دور “ائتلاف أحفاد الصحابة وآلِ البيت” هو التوعية وتحصين شباب المسلمين من عقائد الشيعة لافتا إلى أنهم قدموا العديد من البلاغات للنائب العام من أجل إغلاق القنوات الشيعية.

وأكد أنه لا يوجد تنسيق كاف مع الأجهزة الأمنية في مواجهة الحملات الشيعية الخفية، لكن بعض الجهات المعنية تتواصل أحيانا معهم عند كشفهم أيّ تجمع شيعي، كما حدث بعد كشف حسينية شيعية مؤخرا بمحافظة أسوان، حيث تواصل مع الائتلاف المحافظ ومدير الأمن ووعدا بإغلاقها.

صحيفة العرب اللندنية